• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث صلاة المسافر / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس 812 _ صلاة المسافر 22 .

الدرس 812 _ صلاة المسافر 22

وأمَّا ما ذهب إليه الشَّيخ (رحمه الله) في الاستبصار من الإعادة، مع بقاء الوقت، فقد استُدلَّ عليه برواية سُلَيمان بن حفص المَرْوَزي عن الفقيه (عليه السلام) «قَاْلَ: إِنْ كَانَ قَصَّرَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ نِيَّتِهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ».[1] وقد حمل الشَّيخ (رحمه الله) هذه الرِّواية على وجوب الإعادة في الوقت، وحمل صحيحة زرارة على نفي القضاء في خارج الوقت.
ويرد عليه أوَّلاً: أنَّ الرِّواية ضعيفة؛ لعدم وثاقة سُلَيمان بن حفص المَرْوَزي، ووجودُه في كامل الزِّيارات لا ينفع؛ لِعدم كونه من المشايخ المباشرين. وثانياً: أنَّ هذا الجمع بين الرِّوايتَيْن ليس جمعاً عرفاً، بل هو جمع تبرعيّ، كما لا يخفى.

قال صاحب المدارك (رحمه الله) ­ بعد نقل رواية المروزي ­: «وهي ضعيفة بجهالة الرَّاوي، ولو صحَّت لوجب حملها على الاستحباب...». (انتهى كلامه).
أقول ­ مع قطع النَّظر عن ضعف السَّند ­: الحمل على الاستحباب، في غير محله؛ لِما عرفت من أنَّ الأمر بالإعادة لم يكن نفسيّاً، ليقبل الحمل على الاستحباب، وإنَّما هو إرشاديّ إلى الفساد، ولا معنى لاستحباب الفساد.

ثمَّ إنَّ الإنصاف في المسألة: هو أنَّ صحيحة زرارة معارضة بصحيحة أبي ولاد عَنْ أَبِي وَلاَّدٍ «قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): إِنِّي كُنْتُ خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ فِي سَفِينَةٍ إِلَى قَصْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ ­ وَهُوَ مِنَ الْكُوفَةِ عَلَى نَحْوِ عِشْرِينَ فَرْسَخاً فِي الْمَاءِ ­ فَسِرْتُ يَوْمِي ذَلِكَ أُقَصِّرُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ بَدَا لِي فِي اللَّيْلِ الرُّجُوعُ إِلَى الْكُوفَةِ ­ إلى أن قال: ­ وَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَسِرْ فِي يَوْمِكَ الَّذِي خَرَجْتَ فِيهِ بَرِيداً، فَإِنَّ عَلَيْكَ أَنْ تَقْضِيَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّيْتَهَا فِي يَوْمِكَ ذَلِكَ بِالتَّقْصِيرِ بِتَمَامٍ، مِنْ قَبْلِ أَنْ تؤمَّ مِنْ مَكَانِكَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّكَ لَمْ تَبْلُغِ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ التَّقْصِيرُ حَتَّى رَجَعْتَ فَوَجَبَ عَلَيْكَ قَضَاءُ مَا قَصَّرْتَ...».[2] ويستفاد من وجوب القضاء خارج الوقت وجوب الإعادة في الوقت بالأولويَّة القطعيَّة. وقد عرفت أنَّه لا معنى لحمل الأمر بالإعادة على الاستحباب؛ لأنَّ الأمر بالإعادة ليس نفسيّاً، بل هو إرشادي إلى الفساد.

إن قلت: إنَّه لا أمر بالإعادة حتَّى يلزم ذلك. قلت: إنَّ الأمر بالإعادة، وإن لم يكن مذكوراً بالصَّراحة، إلاَّ أنَّه مستفاد بالأولويَّة القطعيَّة، كما عرفت. وبعد التَّعارض والتساقط يكون مقتضى القاعدة هو وجوب الإعادة؛ لأنَّ الصَّلاة قصراً مشروطة ببلوغ المسافة، والفرض أنَّه لم يبلغها.

ولكن بما أنَّ المشهور لم يفتِ بالإعادة، بل لعلَّ الكلّ لم يفتِ بها؛ لأنَّ مخالفة الشَّيخ (رحمه الله) في الاستبصار ليست مخالفةً من حيث الفتوى؛ لأنَّ كتاب الاستبصار لم يعدَّ للفتوى، وإنَّما هو جمع بين الأخبار.

وبالجملة، بما أنَّه لم يفتِ أحد بوجوب الإعادة، فتوقَّفنا حينئذٍ عن الفتوى.

نعم، الأحوط لزوماً هو الإعادة في الوقت، وخارجه.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ثمّ إن كان قد خفي عنه الجدار والأذان قبل القصد اكتفى بالضرب، وإلَّا اشترط خفاؤهما، ولا يكفي خفاء أحدهما على الأقرب، وكذا في رجوعه، وقال عليّ بن بابويه: يكفي الخروج من منزله فيقصّر حتّى يعود إليه*
لا إشكال بين الأعلام في الاكتفاء بمجرد الضَّرب في الأرض في التقصير، فيما لو خفي عنه الجدار والأذان، أو أحدهما على الخلاف الآتي، قبل قصد السَّفر، كما لو خرج من البلد غير ناوٍ للسَّفر، وبعد خفاء الجدران والأذان، نوى ذلك.
نعم، لو نوى السَّفر من البلد، فلا يجوز له التقصير بمجرد خروجه من منزله قبل خفائهما أو خفاء أحدهما.

وفي الذِّكْرَى: «على المشهور شهرةً كادت تكون إجماعاً...». (انتهى كلامه).
وقدِ ادَّعى الشَّيخ (رحمه الله) في الخلاف الإجماع عليه.

أقول: لم يخالف في ذلك أحد من الأعلام، إلاَّ ما نُسِب إلى عليِّ بن بابويه (رحمه الله) من التقصير بمجرد الخروج من المنزل إلى أن يعود إليه.

وقد يستدلُّ له بثلاث روايات:

الرواية الأولى: مرسلة الصَّدوق «قَالَ: إِذَا خَرَجْتَ مِنْ مَنْزِلِكَ فَقَصِّرْ إِلَى أَنْ تَعُودَ إِلَيْهِ».[3] وهي ضعيفة بالإرسال.

الرواية الثانية: رواية المحاسن عن حمَّاد بن عثمان عن رجلٍ عن أبي عبد الله (عليه السلام) «في الرَّجلِ يخرجُ مُسَافِراً؟ قال: يقصِّرُ إذا خَرَجَ مِنَ البُيُوْتِ».[4] وهي ضعيفة بالإرسال. مضافاً إلى إمكان حَمْل (البيوت) على بيوت البلد، والمراد من الخروج منها هو تواريها عنه، فلا تكون هذه الرِّواية دليلاً له، بل هي دالَّة على ما ذهب إليه المشهور.

 

[1] وسائل الشيعة: باب 23 من أبواب صلاة المسافر ح2.

[2] وسائل الشيعة: باب 5 من أبواب صلاة المسافر ح1.

[3] وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب صلاة المسافر ح5.

[4] وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب صلاة المسافر ح9.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1976
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 05-12-2019
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16