• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الرجال .
              • القسم الفرعي : تحمّل الرواية ونقلـها وآداب نقلها / بحث الرجال .
                    • الموضوع : الدرس 71 _ كيفية تحمّل الرواية ونقلها وآداب نقلها 1 .

الدرس 71 _ كيفية تحمّل الرواية ونقلها وآداب نقلها 1

الكلام في كيفية تحمّل الرواية وطرق نقلها وآدابــهــا

ويقع الكلام في ثلاثة أمور:

الأوّل: في كيفية تحمّل الرواية.

الثاني: في طرق نقلها.

الثالث: في آداب نقلها.

وقبل البحث في هذه الأمور الثلاثة. نقول: إنّه يشترط فيمن يتحمّل الرواية بالسُّماع وما في معناه العقل والتمييز.

والمراد بالتمييز هنا، أن يفرّق بين الحديث الذي هو بصدد روايته وغيره إن سمعه في أصل مصحّح.

وفسّره بعض الأعلام بأن يفرّق بين البقرة والدابة والحمار وأشباه ذلك، بحيث يميّز أدنى تمييز.

ولا يخفى، أنّ التفسير الأوّل أصحّ.

واحترزنا بقولنا: «يتحمل الرواية بالسُّماع» عمّا لو كان بنحو الإجازة، فإنّه لا يعتبر فيه ذلك، كما سيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى.

ومرادنا بما في معنى السّماع، هو تحمّل الرواية بالقراءة على الشيخ، لما سيجيء إن شاء الله تعالى.

ثمّ لا يخفى عليك، أنّه لا يشترط في صحّة تحمّل الرواية بأقسامها الإسلام، ولا الإيمان، ولا البلوغ، ولا العدالة، فلو تحمّلها كافراً أو منافقاً أو صغيراً أو فاسقاً، ثمّ أدّاها في حال استجماعه للإسلام والإيمان والبلوغ والعدالة صحّ ذلك، كما صرّح به جمع، بل لا خلاف في ذلك يُنقل، ولا إشكال، إذ المعتبر هو حال الأداء لا حال التحمّل.

وقد اتفق التحمّل كافراً والأداء مسلماً لبعض الصحابة، كرواية جبير بن مطعم، حيث سمع من النبي (صلّى الله عليه وآله)، فتحمّله كافراً، ثمّ روى ذلك بعد إسلامه.

وقد اتفق الناس أيضاً على رواية جماعة من الصحابة عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قبل البلوغ، كالحسن والحسين عليهما السلام، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، والنعمان بن بشير، والسائب بن يزيد وغيرهم، حيث تحمّلوا جملة من الروايات في حال الصغر وقَبِلَ الفقهاء عنهم روايتهم من غير فرق بين ما تحمّلوه قبل البلوغ وبعده.

ثمّ إنّه لا تحديد للسنّ قبل البلوغ.

وقد ذكر الشيخ الفاضل تقي الدين ابن داود أنّ صاحبه ورفيقه السيد غياث بن طاووس استقلّ بالكتابة، واستغنى عن المعلّم، وعمره أربع سنين.

وحكي عن إبراهيم بن سعيد الجوهري أنّه قال: «رأيت صبياً ابن أربع سنين قد حُمل إلى المأمون قد قرأ في القرآن ونظر في الرأي غير أنّه إذا جاع بكى»[1].

ثم إنّه كما لا حدّ في الابتداء لا حدّ في الانتهاء، فيصحّ تحمّل الرواية ونقلها لمن طعن في السنّ، غايته مادامت قواه مستقيمة، وضبطه ابن خلاّد بالثمانين، وردّ بإجماع السلف والخلف على السّماع والاستماع ممّن تجاوزها من الشيوخ الثقات المتبحّرين.

الأمر الأوّل: في كيفية تحمّل الرواية

إذا عرفت ذلك، فنقول: إنّ طرق تحمّل الرواية ثمانية، وهي: الأول: السّماع. الثاني: القراءة على الشيخ. الثالث: الإجازة. الرابع: المناولة. الخامس: الكتابة. السادس: الإعلام. السابع: الوصيّة. الثامن: الوِجادة.

ولا بد من بيان هذه الطرق وتفصيلها:

الطريق الأوّل: السّماع

وهو أن يسمع من الشيخ الرواية، فتارةً يقرأها الشيخ عليه من كتاب مصحح ويقرأها على خصوص الراوي عنه بأن يكون هو المخاطب الملقى إليه الكلام.

وأخرى، يقرأها مع كون الراوي أحد المخاطبين.

وثالثة، يقرأها مع كون الخطاب إلى غير الراوي عنه، فيكون الراوي عنه مستمعاً أو سامعاً فقط.

ورابعاً، ما ذكر مع كون قراءة الشيخ من حفظه لا من الكتاب.

وقيل: إنّ أفضلها الوجه الأوّل، ثم الثاني، وهكذا. وقد علّل ذلك بقلّة احتمال الخطأ في الأوّل بالنسبة إلى غيره.

والإنصاف: أنّه لا يوجد دليل قوي على ترجيح بعضها على البعض الآخر إلاّ بعض الوجوه الاستحسانية.

ومهما يكن، فإنّ هذا الطريق الأوّل لتحمّل الرواية وهو السّماع أفضل الثمانية وأعلى الطرق عند جمهور المحدّثين، وذلك لأنّ الشيخ أعرف بوجوه ضبط الحديث وتأديته، ولأنّ السامع أربط جأشاً وأوعى قلباً، وشغل القلب وتوزع الفكر إلى القارئ يكون أسرع، ولما في صحيحة عبد الله بن سنان. قال: قلت: لأبي عبد الله عليه السلام: «يجيئني القوم فيستمعون منّي حديثكم فأضجر ولا أقوى، قال: فأقرأ عليهم من أوّله حديثاً ومن وسطه حديثاً ومن آخره حديثاً»[2].

فجوابه عليه السلام بقراءة هذه الأحاديث مع العجز يدلّ على أولويّته على قراءة الراوي، وإلاّ لأمر بها.

 

[1] الرعاية في علم الدراية، ص225

[2] الكافي، ج1، كتاب فضل العلم، ح5.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2144
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 12-01-2017
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29