• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : مبحث الأوامر / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 121 _ المقصد الأول في الاوامر 53 .

الدرس 121 _ المقصد الأول في الاوامر 53

 المبحث الثاني تقسيمات المقدمة

التقسيم الأوّل:

قال صاحب الكفاية R: «الأمر الثاني: إنّه ربما تقسّم المقدمة إلى تقسيمات: منها: تقسيمها إلى داخلية وهي الأجزاء المأخوذة في الماهية المأمور بها، والخارجية وهي الأمور الخارجة عن ماهيته مما لا يكاد يوجد بدونه».

تنقسم المقدمة إلى عدّة أقسام منها: المقدمة الداخلية بالمعنى الأخصّ، والمقدمة الداخلية أو الخارجية بالمعنى الأعمّ، والمقدمة الخارجية بالمعنى الأخصّ.

أمّا الداخلية بالمعنى الأخص، فهي عبارة عن كون الشيء داخلاً قيداً وتقيّداً في حقيقة المركّب، وهي الأجزاء؛ كالقراءة والركوع والسجود بالنسبة للصلاة.

وأمّا الداخلية أو الخارجية بالمعنى الأعمّ، فهي عبارة عن كون الشيء خارجاً قيداً عن حقيقة المركّب، وداخلاً تقيّداً؛ كالشرائط وعدم المانع اللذين ليسا جزءاً من ماهية المركب، ولكنّها شرطاً في صحته؛ كالطهارة الحدثية والخبثيّة وعدم كون اللباس ممّا لا يؤكل لحمه بالنسبة للصلاة.

وأمّا الخارجية بالمعنى الأخص، فهي عبارة عن كون الشيء خارجاً قيداً وتقيّداً، إلا أنّ وجود المركب خارجاً متوقف عليه؛ مثل قطع المسافة بالنسبة للحج؛ فإنّ قطْعها ليس جزءاً من ماهيته، ولا تتوقف صحّته عليه، إلا أنّ تحقق الحج خارجاً لا يكون بدون قطع المسافة. وكذا مثل المكان بالنسبة للصلاة؛ حيث لا يمكن الإتيان بها بدون شغل حيّز مكاني.

ثمّ إنّ هذه المقدمة الخارجية بالمعنى الأخص تارةً تكون معدّة لذي المقدمة؛ بمعنى أنّ وجودها يعطي الاستعداد لوجود المعلول؛ كالدرجة الأولى في السلّم، فإنّها معدّة لبلوغ السطح، وأخرى تكون علّة تامة لذي المقدمة؛ بحيث لا يوجد بدونها، وهذه بدورها قد تكون بسيطة؛ كالنفس فإنّها علة بسيطة لما يصدر عنها، وقد تكون مركّبة من المقتضي والشرط وعدم المانع؛ كالنار ومقاربتها للجسم القابل للاحتراق وعدم الرطوبة. ثمّ إنّ هذه المركّبة قد توجد أجزاؤها دفعةً واحدةً أو تدريجاً.

المقدمة الداخلية بالمعنى الأخص:

بعد ذكر بعض تقسيمات المقدمة، نبحث في المقدمة الأولى ­ أي المقدمة الداخلية بالمعنى الأخص، وهي الأجزاء ­ عن ثلاثة أمور: الأوّل: تعقّل مقدمية الأجزاء. الثاني: وجود مقتضٍ لاتصافها بالوجوب الغيري بعد فرض تعقّل مقدميتها. والثالث: وجود مانع من هذا الاتصاف بعد فرض تعقّل مقدميتها ووجود مقتضٍ لاتصافها بالوجوب الغيري.

الأمر الأوّل: قال صاحب الكفاية R: «وربما يشكل في كون الأجزاء مقدمة له وسابقة عليه، بأن المركب ليس إلا نفس الأجزاء بأسرها. والحل: إنّ المقدمة هي نفس الأجزاء بالأسر، وذو المقدمة هو الأجزاء بشرط الاجتماع، فيحصل المغايرة بينهما، وبذلك ظهر أنّه لا بد في اعتبار الجزئية أخذ الشيء بلا شرط، كما لا بد في اعتبار الكلية من اعتبار اشتراط الاجتماع».

حاصل هذا الكلام: هو ما أشكل به صاحب هداية المسترشدين من أنّه لمّا كان المركّب عين أجزائه خارجاً، فلا تعقل مقدميتها له؛ لأنّ لازمه أن يكون الشيء مقدّمة لنفسه وعلّة لها، وهو محال.

وقد أجيب على هذا الإشكال بعدّة أجوبة، إلا أنّ جميعها تصبّ في جواب واحد، وحاصله: صحيح أنّ المركب هو عين أجزائه خارجاً؛ فالصلاة هي عين التكبير والقراءة والركوع والسجود وباقي أجزائها، إلا أنّه يبقى الاختلاف بينهما من ناحية اللحاظ والاعتبار؛ إذ الأجزاء ملحوظة لا بشرط؛ أي لا بشرط الاجتماع، والمركّب ملحوظ بشرط شيء؛ أي بشرط الاجتماع، فتكون المقدمة عبارة عن الأجزاء لا بشرط، وذو المقدمة عبارة عن الأجزاء بشرط شيء، وهذا التغاير اللحاظي الاعتباري بينهما كافٍ لدفع الإشكال وتعقّل المقدمية؛ حيث تكون الأجزاء بملاحظة معروضيتها للهيئة الاجتماعية سابقة ومتقدّمة على الكلّ طبعاً، فيتحقق ملاك المقدمية.

وفيه: أنّا لا ننكر هذا التغاير الاعتباري بين المقدمة الداخلية بالمعنى الأخصّ وذي المقدمة، إلا أنّ التغاير الاعتباري لا يغيّر واقع كونهما واحداً في الخارج؛ إذ لا فرق بين قراءة الفاتحة لا بشرط أو بشرط شيء. وعليه، فالإشكال باقٍ.

قد يقال: إنّ التغاير بين المقدمة وذيها ليس اعتبارياً محضاً، بل هناك فارق واقعي من جهة الامتثال؛ لأنّنا حينما نلحظ الأجزاء بشرط شيء، نلحظها مع عنوان الوحدة المعتبر في الامتثال، والذي تقوم المصلحة به؛ فإنّ المصلحة مترتبة على عنوان الأجزاء مجتمعة، فلا بدّ في صحة الامتثال من أن نأتي بالقراءة مثلاً بعنوان الصلاة؛ فلو أتى بها بغير هذا العنوان بأن قصد كلّ جزء جزءاً مستقلاً، وأتى بالأجزاء على هذا النحو متعاقبة كانت صلاته باطلة، وهذا بخلاف ما لو كانت الأجزاء على نحو اللاّبشرط، فلو كانت الأجزاء مطلوبة من الشارع كذلك وبدون لحاظ الوحدة بينها، لكان الإتيان بالأجزاء كذلك صحيحاً، ولا غبار عليه.

والإنصاف: أنّ هذا الكلام وإن كان سليماً، إلا أنّه يبقى في النفس شيء؛ لأنّه لا ينفع في تعقّل المقدمية؛ ذلك أنّ مرجعه إلى كون الوحدة الاعتبارية جهة تقييدية؛ بمعنى أنّ الأمر لمّا تعلق بعنوان الصلاة مثلاً، فلا تصحّ إلا إذا قصده المكلف، وهذا ما لا ربط له في المقام، فتأمل.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2507
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 05-06-2013
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 30