• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : مبحث الأوامر / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 194 _ المقصد الأول في الاوامر 126 .

الدرس 194 _ المقصد الأول في الاوامر 126

الشك بإتيان الواجب بعد الوقت:

لو ثبت بدليل خارجي وجوب القضاء خارج الوقت كما في الصلاة والصوم وغيرهما ­ حيث ثبت وجوب قضاء الصلاة بمثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر N: «أنّه سئل عن رجل صلّى بغير طهور، أو نسي صلوات لم يصلّها، أو نام عنها؟ فقال: يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار»( )، وثبت وجوب قضاء الصوم بمثل قولهL: «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ »( ) ­ فإن شكّ المكلف بعد الغروب مثلاً بإتيان صلاة العصر، فما هو الأصل العملي المتعيّن في المقام؟

ذهب بعض الفقهاء إلى جريان استصحاب عدم الإتيان بالعصر، وبالتالي ثبوت القضاء.

وقد أُشكل على هذا الاستصحاب بأنّ صحة جريانه متوقفة على تنقيح موضوع القضاء، فإن كان موضوعه عدم الإتيان فيجري الاستصحاب حينئذٍ ويثبت القضاء. وإن كان موضوعه الفوت، فبناءً على كونه أمراً عدمياً، يكون نفسه عدم الإتيان، فيجري الاستصحاب أيضاً، ويثبت القضاء. وبناءً على كونه أمراً وجودياً، فاستصحاب عدم الإتيان لا يثبت الفوت الذي هو لازم لعدم الإتيان، إلا على القول بالأصل المثبت، وهو ليس بحجة، فلا يكون الاستصحاب حينئذٍ جارياً، فتجري البراءة عن القضاء. وإن كان الموضوع أعمّ من الفوت وعدم الإتيان، فيجري الاستصحاب حينئذٍ، ويثبت القضاء.

ولكن الحقّ أنّ المسألة مورد لقاعدة الحيلولة التي موضوعها الشك بأصل الإتيان بالصلاة بعد خروج الوقت، وهذه القاعدة حاكمة على الاستصحاب، وبجريانها ينتفي وجوب القضاء.

نعم، إنّما يأتي الكلام السابق فيما لو لم تجرِ قاعدة الحيلولة؛ كما إذا علم المكلف إجمالاً بعد الفراغ من صلاة المغرب بأنّه إمّا ترك ركعة من صلاة المغرب أو أنّه لم يصلِّ العصر أصلاً، فهنا لا يمكن إجراء قاعدة الحيلولة في صلاة العصر؛ لأنّها معارضة بقاعدة الفراغ التي تجري في صلاة المغرب، ولا يمكن جريانهما معاً للزوم المخالفة القطعية، وعليه، فيتعارضان ويتساقطان. وكذا لا يمكن إجراء إحديهما دون الأخرى؛ لأنّه ترجيح بلا مرجح، فنرجع إلى الأصل العملي.

أمّا صلاة المغرب، فبما أنّ المكلف كان على يقين بأنّه لم يصلِّ الركعة الثالثة منها، ثمّ شكّ بإتيانها، والفرض أنّ قاعدة الفراغ سقطت بمعارضتها بقاعدة الحيلولة، فيستصحب عدم إتيانه بها، فيعيدها.

وأمّا صلاة العصر، فبما أنّ المكلف يشكّ في إتيانها بعد خروج الوقت، والفرض أنّ قاعدة الحيلولة سقطت بمعارضتها بقاعدة الفراغ، فيستصحب عدم إتيانه بها، فيقضيها.

نعم، لو قلنا أنّ موضوع الاستصحاب هو الفوت، وأنّه أمر وجودي، فيكون استصحاب عدم الإتيان لإثبات الفوت الذي هو لازم له أصل مثبت، وهو ليس بحجة، فلا يجري الاستصحاب حينئذٍ، وإنّما تجري البراءة عن وجوب القضاء.

الفصل الثاني عشر الأمر بالأمر

قال صاحب الكفاية R: «فصل: الأمر بالأمر بشيء، أمر به لو كان الغرض حصوله، ولم يكن له غرض في توسيط أمر الغير به إلا تبليغ أمره به، كما هو المتعارف في أمر الرسل بالأمر أو النهي. وأمّا لو كان لغرض من ذلك يحصل بأمره بذاك الشيء، من دون تعلق غرضه به، أو مع تعلق غرضه به لا مطلقاً، بل بعد تعلق أمره به، فلا يكون أمراً بذاك الشيء، كما لا يخفى. وقد انقدح بذلك أنّه لا دلالة بمجرد الأمر بالأمر على كونه أمراً به، ولا بد في الدلالة عليه من قرينة عليه».

هذا البحث حول أنّه لو أمر المولى أحداً بأن يأمر غيره، فهل يكون أمر الآمر الثاني أمراً لمولاه أيضاً؟

نقول: أمّا ثبوتاً، فيمكن تصوير الأمر بلحاظ متعلّق غرض المولى من أمره ضمن صور ثلاث:

الصورة الأولى: أن يكون غرض المولى متعلقاً بحصول الفعل من المأمور الثاني، كل ما في الأمر أنّه اتخذ الآمر الثاني واسطة في إيصال أمره إلى المأمور الثاني.

الصورة الثانية: أن يكون غرض المولى متعلقاً بأمر الآمر الثاني سواء أتى المأمور الثاني بالفعل أم لا.

الصورة الثالثة: أن يكون غرض المولى متعلقاً بحصول الفعل من المأمور الثاني ومتعلقاً أيضاً بأمر الآمر الثاني؛ أي أنّه يريد حصول الفعل، ولكنّه يريده من خلال أمر الآمر الثاني به لا كيفما كان.

وأمّا في مقام الإثبات، فقد ذهب صاحب الكفاية إلى أنّ الأمر لا يدلّ على شيء من الصور المتقدمة.

والإنصاف: أنّ الفهم العرفي للأمر بالأمر بالشيء، هو ما ذكرناه في الصورة الأولى؛ أي إنّ غرض المولى قائم في الفعل، وأنّ الآمر الثاني؛ كالرسل والأنبياء والأئمة والعلماء من بعدهم هم واسطة في تبليغ الأمر عن المولى. نعم، ثبت أنّ النبي شرَّع في بعض الموارد وأنّ اللهقرّه عليها.

ثمرة البحث:

قيل: إنّ ثمرة هذا البحث تعود إلى أنّه لو ثبت أنّ الأمر بالأمر أمر به، لكان أمر الآمر الثاني شرعياً.

وتوضيحه: ورد في حسنة الحلبي، عن أبي عبد الله N، عن أبيه قال: «إنّا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بني خمس سنين، فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين»( )، هنا أمرنا الشارع بأن نأمر صبياننا بالصلاة وهم بنو سبع سنين، فإن كان أمر الآمر أمراً به، فيكون أمرنا شرعياً، وبالتالي تكون عبادة الصبيان في السابعة شرعية، وإن لم يكن أمره أمراً به، فلا يكون أمرنا شرعياً، وبالتالي تكون عبادتهم تمرينية لا شرعية.

إلا أنّ البعض لم يقبل بهذا الكلام نافياً الحاجة إلى هذا البحث لإثبات شرعية عبادة الصبيان، وذكر أنّه يمكن إثبات شرعية عبادة الصبي بعموم أدلة التشريع؛ كقولهL: «وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ »( )، وقولهL: «ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون »( )؛ فإنّ هذه الأدلة بعمومها أو إطلاقها تشمل البالغ وغيره، كل ما في الأمر أنّ الصبيان خرجوا من الإلزام بأدلّة أخرى؛ كحديث: «أن القلم رفع عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ»( ).

وبالجملة، فإنّ هذا الحديث ورد مورد الامتنان، ومن المعلوم أنّ المنّة إنّما هي في رفع الحكم الإلزامي، وأمّا رفع الحكم غير الإلزامي فلا منّة فيه، فإذاً هو يرفع الإلزام فقط، وأمّا أصل المحبوبية فباقية، فتكون عبادته حينئذٍ مشروعة.

وفيه: أوّلاً: هذا الحديث ضعيف سنداً؛ فقد روي بطريقين كلّ منهما ضعيف؛ الأوّل ما رواه الصدوق R في الخصال، وهو ضعيف بجهالة محمد بن عبد الله الحضرمي وأبي ظبيان، والثاني ما عن دعائم الإسلام عن أمير المؤمنين N، وهو مرسل.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2580
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 29-01-2014
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28