• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصوم .
              • القسم الفرعي : أحكام النيّة في الصيام / الصوم (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 1236 _كتاب الصوم 36 .

الدرس 1236 _كتاب الصوم 36

ومنها: مرسلة الشَّيخ الصَّدوق في الفقيه «قَاْل: وسُئِل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن اليوم المشكوك فيه؟ فقال: لَئِنْ أصوم يوماً من شعبان أحبّ إليَّ من أنْ أُفطر يوماً من شهر رمضان»[1].

وهي ضعيفة بالإرسال.

ومنها: ما رواه الشَّيخ المُفيد (رحمه الله) في المُقنعة عن أبي الصَّلت عبد السَّلام صالح، عن الرِّضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) «قال: قال رسول الله (ص): مَنْ صام يوم الشَّكّ فراراً بدينه، فكأنَّما صام ألف يومٍ من أيّام الآخرة غرّاً زهراً لا تُشاكل أيّام الدُّنيا»[2].

وهي ضعيفة بالإرسال. وكذا غيرها من الرِّوايات.

وأمَّا الرِّوايات المُتضمّنة للنَّهي عن صومه، فقد تقدَّمت في الصُّورة الأُولى، وهي محمولة على صيامه على أنَّه من شهر رمضان؛ جمعاً بينها وبين موثَّقة سماعة المُتقدِّمة، حيث ورد فيها: «إنَّما يُصام يوم الشَّكّ من شعبان، ولا تصومه من شهر رمضان؛ لأنَّه قد نهى (نُهي) أن ينفرد الإنسان بالصِّيام في يوم الشَّكّ...»[3].

وهناك جملة من الرِّوايات يُستفاد منها مرجوحيّة الصَّوم آخر يوم من شعبان ما لم تكن علّة وشُبهة تُورث الشَّكّ بكونه من شهر رمضان:

منها: صحيحة مُعمّر بن خلاَّد عن أبي الحسن (عليه السلام) «قَاْل: كنتُ جالساً عنده آخر يوم من شعبان، ولم يكن هو صائماً، فأتَوه بمائدةٍ، فقال: أُدنُ، وكان ذلك بعد العصر، فقلتُ له: جُعلتُ فداك، صمتُ اليوم، فقال لي: ولمَ؟ قلتُ: جاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) في اليوم الذي يُشكّ فيه أنَّه قال: يومٌ وُفِّق له، قال: أليس تدرون أنَّما ذلك إذا كان لا يعلم أهو من شعبان أم من شهر رمضان، فصام الرَّجل، فكان من شهر رمضان، كان يوماً وُفِّق له، فأمَّا وليس علّة ولا شُبهة فلا، فقلتُ: أفطر الآن؟ فقال: لا...»[4].

والشَّيخ (رحمه الله) له طريقان إلى مُعمّر بن خلاَّد:

أحدهما: ضعيف بابن بطَّة، وأبي المُفضَّل. والطَّريق الثَّاني: صحيح، يرويه عن ابن أبي جيّد، عن ابن الوليد، عن الصَّفّار، عنه.

وعليه، فالرِّواية صحيحة، فالتَّعبير عنها بالخبر المُشعِر بالضَّعف في غير محلِّه؛ فإنَّ ابن أبي جيِّد شيخ النَّجاشيّ (رحمه الله)، ومشايخه ثُقات.

ومنها: رواية هارون بن خارجة «قَاْل: قال أبو عبد الله (عليه السلام): عُدّ شعبان تسعة وعشرين يوماً، فإذا كانت متغيّمةً فأصبِحْ صائماً، وإن كانت مُصْحِيَةً وتبصّرتَ فلم ترَ شيئاً فأَصبِحْ مُفطراً»[5].

وهي ضعيفة؛ لاشتراك مُحمّد بن بكر بين عدَّة أشخاصٍ.

ومنها: رواية الرَّبيع بن ولاّد عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: إذا رأيتَ هلال شعبان فعُدّ تسعاً وعشرين يوماً، فإنْ صحَت، ولم ترَه، فلا تصُم، وإن تغيّمت فصُمْ»[6].

وهي ضعيفة بجهالة الرَّبيع بن ولاّد.

هذا، وقال صاحب الحدائق (رحمه الله): «والظَّاهر أنَّ ما دلّ عليه الخبران الأوَّلان صريحاً[7]، والثَّالث ظاهراً[8] من عدم صوم يوم الثَّلاثين مع عدم العلّة والشُّبهة هو مستند الشَّيخ المفيد (قده) في ما نُقل عنه من كراهية صوم هذا اليوم مع الصَّحو، كما نقله عنه في البيان، حيث قال: ولا يكره صوم يوم الشَّكّ بنيّة شعبان وإنْ كانت الموانع من الرُّؤية منتفية، وقال المفيد: يُكره مع الصَّحو إلاَّ لِمَنْ كان صائماً قبله، انتهى.

وما نقل هنا عن الشَّيخ المُفيد (قده) لعلَّه من غير المُقنعة؛ لأنَّ كلامه في المُقنعة صريح في الاستحباب مُطلقاً، كما لا يخفى على مَنْ راجعه...»[9]، إلى آخر كلامه (رحمه الله).

أقول: يظهر من هذه الرِّوايات بيان عدم الاعتناء باحتمال كونه من رمضان مع الصَّحو، وأنَّ ما ورد من الحثّ والتَّرغيب في صوم يوم الشَّكّ أُريد به ما إذا كان هناك علّة مانعة من الرُّؤية من غيم ونحوه، لا مع الصَّحو وعدم تبيّن الهلال، فلم يقصد بالنَّهي عن صومه أو الأمر بالإصباح مفطراً إلاَّ الرُّخصة وبيان أنَّه ليس إلاَّ كغيره ممَّا مضى من الأيّام الَّتي لم يكن له داعٍ إلى صومه.

نعم، ظاهر رواية هارون بن خارجة، ورواية ربيع بن ولاَّد، وجوب صومه مع الغيم احتياطاً في صوم رمضان، كما هو وجهه الظَّاهر الَّذي ينسبق إلى الذَّهن من الأمر بصوم يوم الشَّكّ.

ولكن ­ مع قطع النَّظر عن ضعف سندهما ­ يجب حملهما على تأكُّد الاستحباب؛ جمعاً بينهما وبين غيرهما من الرِّوايات المُتقدِّمة الَّتي هي صريحة الدَّلالة في الاستحباب ونفي الوجوب، والله العالم.

 

[1] الوسائل باب 5 من أبواب وجوب الصَّوم ونيّته ح9.

[2] الوسائل باب 16 من أبواب أحكام شهر رمضان ح6.

[3] الوسائل باب 5 من أبواب وجوب الصّوم ونيّته ح4.

[4] الوسائل باب 5 من أبواب وجوب الصّوم ونيّته ح12.

[5] الوسائل باب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان ح14.

[6] الوسائل باب 16 من أبواب أحكام شهر رمضان ح2.

[7] يقصد بالخبرين الأوَّلَين: رواية هارون بن خارجة ورواية الربيع بن ولاَّد.

[8] يقصد بالثالث: صحيحة معمَّر بن خلاَّد.

[9] الحدائق: ج13، ص43.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3071
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 25-10-2023
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 30