• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : المكاسب المحرّمة .
              • القسم الفرعي : في آداب التجارة / المكاسب (أرشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 206_ في آداب التجارة (8).جملة من مستحبات ومكروهات التجارة .

الدرس 206_ في آداب التجارة (8).جملة من مستحبات ومكروهات التجارة

الدرس 206 / الأربعاء: 13-تشرين الأول-2021

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وبدار الصَّانع والتَّاجر إلى الصَّلاة، (انتهى كلامه)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّه يستحبُّ للتَّاجر والصَّانع المبادرة إلى الصَّلاة في مواقيتها.

ويدلُّ على ذلك بعض الرِّوايات:

منها: صحيحة أبي بصير «قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله) مُؤْمِنٌ فَقِيرٌ شَدِيدُ الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَكَانَ لَازِماً لِرَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله) عِنْدَ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا لَا يَفْقِدُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَكَانَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله) يَرِقُّ لَهُ، وَيَنْظُرُ إِلَى حَاجَتِهِ، وَغُرْبَتِهِ، فَيَقُولُ: يَا سَعْدُ! لَوْ قَدْ جَاءَنِي شَيْ ءٌ لَأَغْنَيْتُكَ، قَالَ: فَأَبْطَأَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله)، فَاشْتَدَّ غَمُّ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله) بسَعْدٍ، فَعَلِمَ الله سُبْحَانَهُ مَا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ الله مِنْ غَمِّهِ بسَعْدٍ، فَأَهْبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلَ (عليه السلام)، وَمَعَهُ دِرْهَمَانِ، فَقَالَ لَهُ: يَا محمَّد! إِنَّ الله قَدْ عَلِمَ مَا قَدْ دَخَلَكَ مِنَ الْغَمِّ بسَعْدٍ، أَفَتُحِبُّ أَنْ تُغْنِيَهُ؟ فَقَالَ له: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ: فَهَاكَ هَذَيْنِ الدِّرْهَمَيْنِ، فَأَعْطِهِمَا إِيَّاهُ، وَمُرْهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِهِمَا، قَالَ: فَأَخَذَهما رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله)، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَسَعْدٌ قَائِمٌ عَلَى بَابِ حُجُرَاتِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله) يَنْتَظِرُهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله)، قَالَ: يَا سَعْدُ! أَتُحْسِنُ التِّجَارَةَ؟ فَقَالَ لَهُ: سَعْدٌ، وَالله! مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ مَا أَتَّجِرُ بِهِ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله) الدِّرْهَمَيْنِ وَقَالَ لَهُ: اتَّجِرْ بِهِمَا، وَتَصَرَّفْ لِرِزْقِ الله، فَأَخَذَهُمَا سَعْدٌ، وَمَضَى مَعَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حَتَّى صَلَّى مَعَهُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، فَقَالَ لَهُ رسول الله (صلّى الله عليه وآله): قُمْ فَاطْلُبِ الرِّزْقَ، فَقَدْ كُنْتُ بِحَالِكَ مُغْتَمّاً ­ يَا سَعْدُ! ­ قَالَ: فَأَقْبَلَ سَعْدٌ لَا يَشْتَرِي بالدرهم (بِدِرْهَمٍ) شَيْئاً إِلاَّ بَاعَهُ بِدِرْهَمَيْنِ، وَلَا يَشْتَرِي شَيْئاً بِدِرْهَمَيْنِ إِلاَّ بَاعَهُ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، وأَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى سَعْدٍ، فَكَثُرَ مَتَاعُهُ وَمَالُهُ وَعَظُمَتْ تِجَارَتُهُ، فَاتَّخَذَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مَوْضِعاً جَلَسَ فِيهِ وَجَمَعَ تِجَارَتَهُ إِلَيْهِ، وَكَانَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله) إِذَا أَقَامَ بِلَالٌ الصَّلَاةِ يَخْرُجُ وَسَعْدٌ مَشْغُولٌ بِالدُّنْيَا لَمْ يَتَطَهَّرْ، وَلَمْ يَتَهَيَّأْ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ قَبْلَ أَنْ يَتَشَاغَلَ بِالدُّنْيَا، فَكَانَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله) يَقُولُ: يَا سَعْدُ! شَغَلَتْكَ الدُّنْيَا عَنِ الصَّلَاةِ، يَقُولُ: مَا أَصْنَعُ، أُضَيِّعُ مَالِي؟! هَذَا رَجُلٌ قَدْ بِعْتُهُ فَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَوْفِيَ مِنْهُ، وَهَذَا رَجُلٌ قَدِ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ فَأُرِيدُ أَنْ أُوفِيَهُ، قَالَ: فَدَخَلَ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله) مِنْ أَمْرِ سَعْدٍ غَمٌّ أَشَدُّ مِنْ غَمِّهِ بِفَقْرِهِ، فَهَبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ الله قَدْ عَلِمَ بغَمّكَ بِسَعْدٍ، فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ حَالُهُ الْأُولَى أَوْ حَالُهُ هَذِهِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله): يَا جَبْرَئِيلُ! بَلْ حَالُهُ الْأُولَى، قَدْ أَذْهَبَتْ دُنْيَاهُ بِآخِرَتِهِ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام): إِنَّ حُبَّ الدُّنْيَا وَالْأَمْوَالِ فِتْنَةٌ وَمَشْغَلَةٌ عَنِ الْآخِرَةِ، قال قُلْ لِسَعْدٍ: يَرُدُّ عَلَيْكَ الدِّرْهَمَيْنِ اللَّذَيْنِ دَفَعْتَهُمَا إِلَيْهِ، فَإِنَّ أَمْرَهُ سَيَصِيرُ إِلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا أَوَّلاً، قَالَ: فَخَرَجَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله)، فَمَرَّ بِسَعْدٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا سَعْدُ! أَمَا تُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ الدِّرْهَمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَعْطَيْتُكَهُمَا؟! فَقَالَ سَعْدٌ: بَلَى، وَمِائَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ: لَسْتُ أُرِيدُ مِنْكَ ­ يَا سَعْدُ! ­ إِلاَّ الدِّرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُ سَعْدٌ دِرْهَمَيْنِ، قَالَ: وَأَدْبَرَتِ الدُّنْيَا عَلَى سَعْدٍ حَتَّى ذَهَبَ مَا كَانَ جَمَعَ، وَعَادَ إِلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا»[1]f451.

والصُّفة: مكان مظلَّل في مسجد المدينة، كان يأوي إليه فقراء المهاجرين ويرعاهم الرَّسول (صلّى الله عليه وآله)، وهم أصحاب الصُّفة.

ومنها: رواية الحسين بن يسار عن رجل رفعه «في قول الله عزّ وجلّ: « رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ]النور: 37[ قال: هم التُّجار الَّذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذِكْر الله عزّ وجلّéذا دخل مواقيت الصَّلاة أدُّوا إلى الله عزّ وجلّحقّه فيها»[2]f452، ولكنَّها ضعيفة بسهل بن زياد، وبالإرسال، وبالرَّفع.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وإعطاء الصَّانع العين حظها من النَّوم، فروى مسمع: أنَّ سهره اللَّيل كلّه سحت. (انتهى كلامه)

(1) ذكر جماعة منَ الأعلام أنَّه يكره السَّهر الزَّائد على المعتاد في الاكتساب، وجعل المصنِّف (رحمه الله) من جملة آداب التِّجارة إعطاء الصَّانع العين حظَّها منَ النَّوم.

أقول: قدِ استدلَّ للكراهة ببعض الرِّوايات:

منها: رواية مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: الصُّنّاَع إذا سهروا اللَّيل كلَّه فهو سُحْت»[3]f453، وهي ضعيفة بجملة منَ الأشخاص منهم سهل بن زياد.

ومنها: رواية الشّعيري عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: مَنْ بات ساهراً في كَسْبٍ، ولم يعطِ العينَ حظَّها منَ النَّوم فكَسْبُه ذلك حرام»[4]f454، وهي ضعيفة بالإرسال وبعدم وثاقة صالح بن أبي حمَّاد، وجهالة الشُّعيري، حيث إنَّه مشترك بين عدَّة أشخاص، وهاتان الرِّوايتان، وإن كانت دلالتهما على الحرمة الوضعيَّة قويَّة، ولكنَّهما ضعيفتان، كما عرفت، وقد حَمْلهما بعض الأعلام على الكراهة؛ لعدم القول بالحرمة.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّ الكراهة غير ثابتة أيضاً.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والمكافأة على الهدية، (انتهى كلامه)

(1) ففي رواية إسحاق بن عمَّار «قَاْل: قلتُ له: الرَّجل الفقير يهدي إليَّ الهديَّة، يتعرَّض لما عندي فآخذها، ولا أعطيه شيئاً، أيحلُّ لي؟ قال: نعم، هي لك حلال، ولكن لا تدع أنْ تعطيه»[5]f455، وهي ضعيفة في الكافي بالإرسال، وبعدم وثاقة يحيى بن المبارك وبالإضمار، وضعيفة في الفقيه بالإضمار فقط.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ومشاركة الجلساء فيها إذا كانت طعاماً، فاكهة أو غيرها. (انتهى كلامه)

(1) يستفاد ذلك من رواية محمَّد بن مسلم «قال: قال: جُلَساءُ الرَّجلِ شركاؤه في الهديَّة»[6]f456، وهي ضعيفة، لا من جهة الإضمار؛ لأنَّ مضمرات ابن مسلم مقبولة، بل من جهة الإرسال.

وتدلُّ على ذلك أيضاً: مرفوعة عثمان بن عيسى رفعه «قال: إذا أُهدِي إلى الرَّجل هديَّة طعام، وعنده قومٌ، فهم شركاؤه فيها، الفاكهة وغيرها»[7]f457، وهي ضعيفة بالرَّفع وبالإضمار.



[1] الوسائل باب 14 من أبواب آداب التِّجارة ح2.

[2] الوسائل باب 14 من أبواب آداب التِّجارة ح1.

[3] الوسائل باب 34 من أبواب ما يكتسب به ح1.

[4] الوسائل باب 34 من أبواب ما يكتسب به ح2.

[5] الوسائل باب 91 من أبواب ما يكتسب به ح2.

[6] الوسائل باب 92 من أبواب ما يكتسب به ح1.

[7] الوسائل باب 92 من أبواب ما يكتسب به ح2.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3760
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 13-10-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 30