قال المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى: «ولأنَّ الأصحاب -وخصوصاً المتأخِّرين- يوجبون على المعتمر والحاجّ نيَّة التحلُّل بجميع المحلِّلات، فَلْيكن التسليم كذلك». (انتهى كلامه)
وقد أجاب عن ذلك المحقِّق الكركي (رحمه الله) في جامع المقاصد بالفرق بينهما، فقال: «الفرق بين الصَّلاة والحجّ ظاهر، لأنَّها تعدّ فعلاً واحداً لارتباط بعضها ببعض، ولهذا تُفعل بنيَّةٍ واحدة، ولا تصحّ إلَّا كذلك، بخلاف الحجّ، لانفصال كلّ فعل عن الآخر، واحتياجه إلى نيَّةٍ بالاستقلال». (انتهى كلامه)، وقال صاحب الجواهر (رحمه الله) بعد نقله لكلام المحقق الكركي (رحمه الله): «فنية الصلاة حينئذ تتناوله وإن لم يكن جزء، لأن مقتضاها نية فعل الصلاة بتمامها الذي لا يكون بدون التسليم»[1]. (انتهى كلامه)
ويرد عليه: أنَّه لا دليل في الحجّ والعمرة على وجوب نيَّة التحلُّل، فإذا قصَّر في العمرة بعد السَّعي فيتحلَّل من كلِّ شيء حُرِّم عليه، وإن لم يقصد التحلُل. وعليه، فالتحلُّل قهري مترتِّب عليه، وإذا أتى بطواف النِّساء في العمرة المفردة فيحلّ له النِّساء وإن لم يقصدِ التَّحلُّل. وهكذا بالنسبة لأفعال الحجِّ، فإنَّه بالحلق أو التقصير يتحلَّل من محرمات الإحرام، إلَّا الطِّيب والنِّساء، فإذا طاف وسعى تحلَّل من الطِّيب. وإذا طاف طواف النِّساء حلَّت له النِّساء، ولا يشترط نيَّة التحلُّل، بل هو حاصل قهراً.
ثمَّ ذكر المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى أنَّه بناء على وجوب نية الخروج: «هذه النيَّة لا يجوز التلفُّظ بها قطعاً، لاشتمالها على ألفاظ ليست من أذكار الصَّلاة، وكذا نيَّة العدول في أثناء الفريضة إلى فريضة أخرى، لا يجوز التلفُّظ بها وإن جاز التلفُّظ بالنيَّة في ابتداءً الصَّلاة». (انتهى كلامه). وهو جيِّد، والله العالم.
*قال الشهيد الأول في الدروس: وسننه تقديم السَّلام على النَّبي وسائر الأنبياء والملائكة والأئمة، وإتباعه بالسَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، كلُّ ذلك وهو لازمُ سَمْت القِبلة، منفرداً كان أو غيره*
قال المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى: «يستحبّ قبل التسليم ما ذَكَره جميع الأصحاب، وعدّوه من المستحبّ، ورواه أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنَّه إذا فرغ من التشهُّد الأخير»[2] -كما مرَّ في روايته- من الواجب والمستحبّ، يقول بعد قوله ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً﴾: السَّلام عليك أيُّها النَّبيّ ورحمة الله وبركاته، السَّلام على أنبياء الله ورسله، السَّلام على جبرائيل وميكائيل والملائكة المقرَّبين، السَّلام على محمَّد بن عبد الله خاتم النبيين، لا نبيَّ بعده، السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين». (انتهى كلامه)، هذه الرِّواية موثَّقة، ذكرناها بتمامها في مبحث التشهُّد، فراجع[3].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] جواهر الكلام: ج10، ص326.
[2] الوسائل باب 3 من أبواب التشهد ح2. (إضغط لتصفّح الرواية)
[3] الدرس 544 _ التشهد والتسليم 11. (إضغط لتصفّح الدرس كاملاً)
|