الدرس21 _اوقات الفرائض والنوافل 1
(1) قال في المدارك: «أجمع علماء الإسلام كافَّةً على أنَّ كلَّ صلاة من الصلوات الخمس مؤقتةٌ بوقتٍ معيّن مضبوط، لا يسوغ للمكلّف بها تقديمها عليه، ولا تأخيرها عنه...».
هذا، وقد رُوي عن ابن عباس والشعبي: جواز استفتاح المسافر الظهر قبل الزوال بقليل، ولكن لا يخفى أنَّ هذا القول متروك بإجماع متقدم عليه ومتأخر عنه.
وبالجملة: هو مقطوع البطلان.
(2) هذه الصحيحة من جملة الروايات التي استدلّ بها صاحب الحدائق على أنّ الوقت الثاني للفريضة: هو للاضطرار، لا للإجزاء، حيث اختلف الأعلام في أنّ الوقت الأوّل للفضيلة، والآخر للإجزاء، أو أنَّ الأوَّل للمختار، والآخر للمعذور والمضطرّ؟ وسنتكلم عنه إن شاء الله تعالى بالتفصيل.
وبالجملة: فالصحيحة التي استدلّ بها صاحب الحدائق على أنَّ الوقت الثاني للاضطرار، هي: «عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا صلَّيت في السفر شيئاً من الصلوات في غير وقتها فلا يضرّك»[i]f140.
وحَمَلها جماعة من الأعلام منهم المصنف هنا، وصاحب الحدائق : على أنَّ المراد بــــ «غير وقتها» يعني: غير وقت الفضيلة، وهو الوقت الأوّل، لأنَّ السفر أحد الأعذار، وذكر جماعة من الأعلام منهم صاحب الحدائق أيضاً : أنَّه لا يجوز تأخيرها عن وقت الفضيلة إلاَّ لذَوِي الأعذار، كالمسافر، والمريض، ونحوهما.
وحاصل معنى الرواية: أنَّه لا ضرر في الإتيان بالصّلاة في السفر في غير الوقت الأوّل، وتدلّ بالمفهوم: على أنّ الإتيان بالفرائض في غير الوقت الأوّل يعني الوقت الثاني يضرّ في غير السفر.
وفيه أوّلاً: أنّ هذه الصحيحة لا مفهومَ لها، بل هي سالبة بانتفاء الموضوع، لأنَّ مفهومها: إذا لم تصلّ في السفر شيئاً من الصلوات في غير وقتها فهو يضرُّك، إذ مع عدم الإتيان بالصّلاة لا موضوع حتّى يؤتَى بها في غير وقتها أو في وقتها.
وعليه، فهي سالبة بانتفاء موضوعها.
وثانياً مع قطع النظر عمَّا ذكرناه : أنَّه لا يوجد في الصحيحة: إذا أخَّرت في السفر شيئاً من الصلوات، حتَّى يتمّ ما ذكره صاحب الحدائق، بل الموجود: «إذا صلَّيت في السفر شيئاً من الصَّلوات في غير وقتها»، وهذا يصدق أيضاً على الصَّلاة المقدَّمة على الوقت، وهو ينطبق على النوافل، إذ يجوز تقديمها في السفر على وقتها، كما في صلاة الليل، إذ يجوز للمسافر أن يقدِّمها اختياراً على وقتها.
وثالثاً: أنَّه لا يتعيَّن حَمْل «غير وقتها» على غير وقت الفضيلة، بل يحتمل كما ذكر الشيخ في التهذيب حَمْله على خروج الوقت، فتكون قضاءً، والله العالم.
(1) المعروف بين الأعلام: أنَّ لكلّ صلاة من الصّلوات الخمس وقتَيْن: أوَّلاً وآخراً، سواء في ذلك المغرب أو غيرها، إلاَّ أنه وقع الخلاف هنا في أمرَيْن:
الأمر الأوَّل: ما نقله العلاَّمة في المختلف عن ابن البرَّاج «أنَّه قال: وفي أصحابنا مَنْ ذهب إلى أنَّه لا وقت للمغرب إلاَّ واحد، وهو غروب القرص في أفق المغرب»، وسنتكلم عنه إن شاء الله تعالى بالتفصيل عند قول الماتن فيما يأتي: «وفضيلة المغرب إلى ذهاب المغربيَّة، وإجزاؤها إلى أن يبقى لانتصاف الليل قدر إجزاء العشاء».
[i] الوسائل باب 13 من أبواب المواقيت ح9.